تركيا و الكورونا.. كيفيّة احتواء الوباء و اللّقاحات

تجربة تركيا في التّعامل مع وباء فيروس كورونا :

مع الاجتياح المرعب الذي انتشر فيه فيروس كورونا في مختلف أنحاء العالم لم يكن مع غير المتوقّع وصوله حتى تركيا إلا أنّ المؤسف في وصوله إليها هو اتّساع رقعة انتشاره بسرعة كبيرة لتصبح في فترة من الفترات واحدة من أكبر بؤر كورونا في المنطقة و مع التخوّف الكبير الذي قد عم البلاد من ازدياد أعداد الإصابات و ما قد يرافقها من ارتفاع في الوفيات و الأضرار عملت الحكومة التركيّة على استنفار جميع مواردها من أجل محاولة احتواء هذا الوباء الذي ضرب العالم من العدم .

و على الرّغم من أن الكثير من الخبراء في مجال الصحة يتوقعون بأن أعداد الوفيات الفعلية بسبب وباء فيروس كورونا هي أكبر من ما يتم تسجيله في السجلات الرسميّة و ذلك بسبب أنه لا يتم احتساب الوفيات الناتجة عن فيروس كورونا إلا في حال كان قد سبق و أن ثبت إصابته بها قبل الوفاة و على الرغم من ذلك تبقى أعداد الوفيات منخفضة مقارنة بالتعداد السكاني الكبير الذي تتمتّع به البلاد و الذي يبلغ الثلاث و ثمانين مليون نسمة .

و إنّ واحدة من أهم الاستراتيجيات التي قد عمدت تركيا إلى اتباعها في محاولة منها لاحتواء فيروس كورونا هي اللجوء إلى الإغلاق التام و الإغلاق الغير اعتيادي إذ و على الرغم من أنه لا يجب التسرّع في توقّع تجاوز الأزمة إلا أن العديد من الخبراء في تركيا يرون بأن البلاد قد نجحت في تفادي كارثة أكبر بكثير مما حلت بها بفضل الجهود المبذولة في سبيل تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي و آليات الوقاية من انتشار فيروس كورونا و تصنف تركيا ضمن قائمة أسرع الدول استجابة للوباء و محاولة احتواء الأزمة من خلال ما لجأت إليه من استراتيجيات مثل فرض اختبارات كشف الفيروس و تعقب المصابين به و العمل على عزلهم و فرض قيود على الحركة و التنقل للحد من الاختلاط بين الأشخاص و العمل على توقيف بعض أنشطة الحياة اليومية و لو مؤقّتاً مثل زيارة المقاهي و التسوق في الأسواق المزدحمة و الصلاة الجماعية في المساجد و فرض الحجر التام على الأشخاص الذين لم يتجاوزوا سن العشرين أو ممن هم فوق الخامسة و الستين و فرض حظر التجول في عطل نهاية الأسبوع و إغلاق المدن الكبرى خلالها خاصة مدينة إسطنبول التي قد كانت في فترة ما بؤرةً  لفيروس كورونا في تركيا .

اللّقاحات المستخدمة في تركيا ضد فيروس كورونا :

بعد قيامها بكل تلك الإجراءات الاحترازية لمنع زيادة تفشّي وباء فيروس كورونا كان لا بد من أن يتم الانتقال نحو الخطوة التالية و الأكثر فعالية ألا و هي تطعيم السكان لجعلهم منيعين ضد الإصابات بكورونا من خلال اللقاحات الجديدة و بالفعل بدأت حملة التلقيح ضد فيروس كورونا و تجاوزت عدد جرعات اللقاحات التي قد تم إعطاءها حتى الآن عتبة الخمسة عشر مليون جرعة في إطار حملة التطعيم التي تتولّى إشرافها وزارة الصحة التركيّة و وفقاً للإحصائيات الصادرة عن الوزارة فقد بلغت عدد تطعيمات الجرعة الأولى ما يزيد عن الثمانية و نصف المليون لقاح أما الجرعة الثانية فقد بلغت أكثر من ستة فاصلة ستة مليون جرعة .

و لقد تمّ استلام ثمانية و عشرين مليون جرعة من لقاحات كورونا من قبل تركيا حتى الآن أما عن أنواع اللقاحات المتوافرة في تركيا ضد الفيروس  و القادمة من خارج البلاد فهي  من لقاحي كورنافاك و بيونيتيك .

و من المتوقع أن تصل مستقبلاً أكثر من مئة مليون جرعة لقاح إلى البلاد في الشهور القادمة أما عن اللقاح الذي يتم تطويره محلياً من قبل الخبراء الأتراك فمن المتوقع أن يتم الانتقال نحو المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية في الفترة القريبة القادمة.

و لقد أكملت وزارة الصحة التركيّة المرحلة الأولى من حملة التطعيم التي أطلقتها و التي اختصت بتقديم اللقاح إلى الكوادر الصحية كونها الخط الأول في مواجهة الفيروس و الأشخاص فوق عمر الخامسة و الستين و ساكني دور الرعاية الخاصة بالمسنين و كذلك الكوادر العاملة فيها و إن هذه الحملة قد بدأت باستخدام لقاح كورونافاك الصيني في الشهر الأول من 2021 .

لقاحات كورونا في تركيا للأجانب :

كما ذكرنا فإنّ حملة التطعيم التي قد تم إطلاقها من قبل وزارة الصحة التركيّة من أجل التلقيح ضد فيروس كورونا قد بدأت في شهر يناير من العام الحالي و قد عملت في المرحلة الأولى منها على تغطية الفئات الأكثر خطراً أو الأكثر أولوية مثل الكوادر الطبية و الأشخاص المسنّين و قد يتساءل الكثير من الأجانب سواءً المقيمين ضمن الأراضي التركية أو خارجها قد وضعهم بالنسبة إلى فيروس كورونا و الحملة و اللّقاحات في تركيا و يمكن أن نؤكد لك بأن عملية الحصول على موعد للقاح فيروس كورونا بالنسبة إلى جميع الأجانب المقيمين في تركيا بطريقة قانونية أي الحاملين لتصاريح إقامة صادرة عن الحكومة لا تختلف أي اختلاف عن العملية التي يتوجب على المواطنين الأتراك المرور بها للحصول على اللقاح  و إن استحقاق الأجانب للقاح في تركيا تعتمد على حالة الإقامة التي يتمتعون بها كأجانب في البلاد أذ يسمح لأي شخص كان يحمل بطاقة إقامة في تركيا بأن يحصل على فرصة الخضوع لنفس الإجراءات  التي يخضع لها المواطنون الأتراك و لا يوجد هنالك أي اختلاف في طريقة التي يتم معاملة الأجانب فيها عن معاملة الأتراك الذين يتم أيضاً منحهم أولوية الحصول على اللقاح تبعاً للفئة العمرية التي ينتمون إليها .